افتتاح مؤتمر "المنهج اللاهوتي في المدارس الانطاكية" في البلمند
الأربعاء 22 شباط 2012
انطلقت صباح اليوم اعمال مؤتمر "المنهج التفسيري واللاهوتي في المدارس الانطاكية"، في "قاعة خليل جريج" في حرم دير سيدة البلمند، برعاية بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الارثوذكس اغناطيوس الرابع هزيم ممثلا برئيس الدير عميد معهد اللاهوت الاسقف غطاس هزيم.
حضر المؤتمر السفيرة اليونانية كاثرين بورا، رئيس جامعة البلمند الدكتور ايلي سالم، مدير ثانوية سيدة البلمند عطية موسى، والمطارنة الروم الارثوذكس: باسيليوس منصور، اسبيريدون خوري، بولس يازجي وافرام كرياكوس، مطران السريان الارثوذكس جان قواق، ولفيف من الكهنة والشمامسة وحشد من المدعويين اللبنانيين والاجانب.
استهل المؤتمر، الذي يستمر ثلاثة ايام، بصلاة قصيرة وترانيم دينية ل"جوقة البلمند"، تبعها كلمة ترحيب وتعريف من الدكتور نقولا ابو مراد، فكلمة رئيس الدير الاسقف غطاس هزيم، تناول فيها اسباب انعقاد المؤتمر واهميته، والقى كلمة البطريرك هزيم، فقال: "تعلمون انه غالبا ما يتهم الفكر المسيحي بانه استسلم لعدوى الفلسفة اليونانية. الا انه بقي في انطاكيا كتابيا. تعلق بانسانية يسوع المحسوسة واظهرها في آن مشبعة سريا بالمجد الالهي. المجد، في الكتاب، هو ما يجعل الانسان والاشياء كثيفة وواقعية. المجد هو المحبة. وانسانية المسيح تشملنا كلنا في هذه المحبة لكي توصل الينا هذا المجد. والقديس يوحنا الذهبي الفم يرفض الفصل بين "سر الهيكل" و"سر الاخر"، وكان يقول ان الفقير مسيح آخر".
اضاف: "نحن تجسيديون في ايماننا، الهنا تجسد من لحم ودم، من طبيعة انسانية. لقد كان مرئيا، بحيث كان بمقدورك ان تراه وان تلمسه. لقد اكل مع الناس واعتاد ان يكلمهم. الهنا اذا ليس كتابا ولا هو بالانجيل، لكن الانجيل كتب عنه. الكتاب المقدس يتكلم عن ايمان الاطفال، وانا اعتقد ان لدينا شيئا من الطفولة، لاننا نستعمل حواسنا. فمن يرغب فهم ايماننا، عليه ان يكون ابسط انسان ممكن".
واشار الى انه "منذ سنيها الاولى، والكنيسة التي تدعى "بطريركية انطاكية وسائر المشرق" موقع الملتقى، كانت على الحدود الشرقية للعالم الروماني، ولها امتداد بفعل الكرازة نحو الشرق. هناك التقت العبقريات الاغريقية والسامية"، لافتا الى ان "العبقرية الاغريقية استوعبت في لقائها مع الهند، ايام امبراطورية الاسكندر وفي المدينة التي تحمل اسمه، القلانية الصوفية التي اتسم بها العالم الهندو-اوروبي والعبقرية السامية، السريانية منها بوجه خاص. وظلت السريانية لغة ليتورجية حتى بداية الازمنة الحديثة. وهناك اليوم، في المجال الانطاكي، قرى حيث اللغة الارامية متداولة فيها".
ولفت الى ان المجال الانطاكي "عرف بعدئذ حقبة بيزنطية قصيرة. وحققت انطاكية وقتها لبيزنطية وللغرب على السواء، تأليفا ليتورجيا لفكر الاباء. الى جانب التأليف الليتورجي، قدمت انطاكيا تأليفا على المستوى الفكري. وفي القرن السابع قام يوحنا الدمشقي ومكسيموس المعترف باستجماع الفكر الابائي وتوجيهه نحو هاجس الارثوذكسية الاساسي في العصر الوسيط، وهو مسألة تأليه الانسان بواسطة الفعاليات الالهية. في اطار مفهوم التأليه الحقيقي والحرية الحقيقية، حيث يلتقي الشرق والغرب ويتم تجاوزهما".
ورأى ان انطاكيا "تميزت كما يقول القديس باسيليوس الكبير، لما كتب للقديس اثاناسيوس الاسكندري: ما عسى ان يكون لكنائس الارض كلها شيئ اكثر حيوية من انطاكيا؟. ونحن حيويون على قدر رصانتنا ووعينا لما قاله القديس بولس الرسول في رسالته الى اهل كورنثوس: ان كلمة الله كتبت على الواح قلوبكم. وفي هذا المجال يحضرني شرح القديس افرام السرياني للكتاب المقدس الذي جمع بين التفسير الحرفي للكتاب والرمزية الشعرية، فأتت كلماته مفعمة بالحياة. ولم يكن القديس يوحنا الذهبي الفم اقل منه تجسدا ورعائيا"، موضحا ان "الكنيسة الانطاكية بتراثها العميق، وعت ان الحرف ليس غاية، انما هو باب نلج به الى الخدر السماوي ليتحول بالروح الى فعل تجسدي تلهب ناره الجميع".
وختم سائلا الله لادارة معهد اللاهوت في البلمند ورئاسة الدير والمشاركين جميعا "ان يلهمكم ويوفقكم في هذا المؤتمر، لتكون اعماله مجال فائدة وتأمل ليعي مسيحيو الشرق تراثهم الواحد".
ثم استعرض المتروبوليت باسيليوس منصور المدارس الانطاكية في عرض ورؤية تاريخية مفصلة وشاملة، مركزا على المدرسة الانطاكية ومدرسة "الرها" و"نصيبين"، وقال: "بقيت هذه المدارس تقدم العلم والمعرفة للعالم، ابقت ما تركه الاباطرة ومؤسسيها واساتذتها، من تاريخ نفيس وتفسير، اضافة الى القوانين والموسيقى والاعمال الفنية والعمرانية"، متوقفا عند مميزات المدرسة الانطاكية التي "جعلت من الثقافة والرؤية الارثوذكسية خادمة لللايمان".
وبعد استراحة، تحدث الاب بولس فغالي عن "من العالم اليوناني الى العالم السرياني"، والدكتور دانيال عيوش عن "تفسير ديودور الطرصوصي".
وبعد الغداء تابع المؤتمر اعماله مع الاب ديمتريوس بترالوس عن "تفسير الذهبي الفم لرسالة رومية"، والاب جاك خليل عن "عقيدة التبرير بالايمان عند القديس بولس بحسب الاباء الانطاكيين".
وتناول الاب شربل جمهوري في حديثه "الله عند افرام السرياني"، وفي الختام تحدث الدكتور نقولا ابو مراد عن "التكوين في تفسيرات الاباء الانطاكيين".
وتخلل المؤتمرالذي يستمر لثلاثة ايام حوار.
For more information about the conference - Click Here