Patriarchal Message for The Antiochian Schools’ Symposium Conference

بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس
Greek Orthodox Patriarchate of Antioch & all the East


باسم الاب والابن والروح القدس الإله الواحد أمين

أحبتي المؤتمرون
تعلمون أنه غالبا ما يُتَّهمُ الفكرُ المسيحيُ بأنه استسلم لعدوى الفلسفة اليونانية. إلاَّ أنه بقي في أنطاكيا كتابياً. تعلق بانسانية يسوعَ المحسوسةِ وأظهرها في آن مشبعةً سريا بالمجدِ الالهي. المجد، في الكتاب، هو ما يجعلُ الأشخاصَ والاشياءَ كثيفةً وواقعية. المجد هو المحبة. وانسانيةُ المسيحِ تشمَلُنا كلَنا في هذه المحبة لكي توصلَ الينا هذا المجد. القديس يوحنا الذهبي الفم يرفض الفصل بين "سر الهيكل" وسر الآخر" كان يقول إن الفقيرَ "مسيحٌ آخر".


نحن تجسديون في ايماننا، الهُنا تجسد من لحم ودم، من طبيعة انسانية. لقد كان مرئياً بحيث كان بمقدورك أن تراهُ وأن تلمُسَهُ. لقد أكل مع الناس واعتاد أن يكلمَهم. الهنا إذن ليس كتاباً ولا هو بالإنجيل، لكنَّ الانجيلَ كُتب عنه. الكتابُ المقدسُ يتكلمُ عن ايمان الأطفال، وأنا أعتقد أن لدينا شيئاً من الطفولية لأننا نستعمل حواسنا. فمن يرغب فهمَ إيمانِنا عليه أن يكون أبسطَ إنسانٍ ممكن.
منذ سنيها الأولى والكنيسة التى تدعى "بطريركية أنطاكية وسائر المشرق"، موقعُ الملتقى. كانت على الحدود الشرقية للعالم الروماني ولها امتداد، بفعل الكرازة، نحو الشرق. هناك التقت العبقريات الإغريقية، والسامية. العبقريةُ الاغريقيةُ استوعبت، في لقائها مع الهند، أيام امبراطورية الاسكندر وفي المدينة التي تحملُ اسمَه، العقلانيةَ الصوفيةَ التي اتسم بها العالمُ الهندو – أوروبي والعبقريةَ السامية، السريانيةَ منها بوجه خاص. ظلت السريانية لغةً ليتورجيةً حتى بدايةِ الأزمنةِ الحديثة. هناك، اليوم، في المجال الانطاكي، قرىً حيث اللغةُ الآراميةُ متداولةٌ حتى الآن.
لقد عرَفَ المجالُ الأَنطاكي، بعدئذ، حِقَبَةً بيزنطيةً قصيرة. انطاكية حققت وقتها لبيزنطية وللغرب على السواء، تأليفا ليتورجياً لفكر الآباء. هكذا نَظَمَ رومانوس المرنم (الحمصي) وأندراوس الكريتي ويوحنا الدمشقي وقزما المنشئ أسقف مايوما قطعاً باليونانيةِ، لغةِ التخاطبِ بين الشعوبِ يومذاك، ترتلُ للإله "الشخصي" الذي يعرفُه تراثُ الشرقِ السامي. الى جانب التأليف الليتورجي، قدمت انطاكية تأليفا على المستوى الفكري. وفي القرن السابع قام يوحنا الدمشقي ومكسيموس المعترف، باستجماع الفكر الآبائي وتوجيهه صوب هاجس الأرثوذكسية الاساسي في العصر الوسيط، وهو مسألةُ تأليهِ الانسانِ بواسطة الفعالياتِ الإلهية. في اطار مفهوم التأليهِ الحقيقي والحرية الحقيقية، يلتقي الشرق والغرب ويتم تجاوزَهما.
لقد تميزت أنطاكية كما يقول القديس باسيليوس الكبير لما كتب للقديس أثناسيوس الاسكندري:" ما عسى أن يكون لكنائس الارض كلِها شيءٌ أكثرُ  حيويةً من أنطاكية؟". فنحن حيويونَ على قدر رصانَتِنا ووعينا لما قاله القديس بولس الرسول في رسالته الى أهل كورنثس أن كلمةَ الله كتبت على الواح قلوبكم. وفي هذا السياق يحضُرني شرحُ القديس أفرام السرياني للكتاب المقدس الذي جمع بين التفسير الحرفي للكتاب والرمزية الشعرية فأتت كلماتُهُ مفعمةً بالحياة. ولم يكن القديسُ يوحنا الذهبي الفم أقلَّ منه تجسديا ورعائياً. لقد وعت المدرسةُ الانطاكيةُ بتراثها العميق أن الحرف ليس غايةً إنما هو باب نلج به الى الخدر السماوي ليتحول بالروح الى فعل تجسدي تُلْهِبُ نارُهُ الجميع.
أخيراً أسأل الله لإدارة معهد اللاهوت في البلمند ورئاسة الدير والمشاركين جميعا أن يلهمكم ويوفقكم في هذا المؤتمر، لتكون أعمالُهُ مجالَ فائدة وتأمل ليعيَ مسيحيو الشرق تراثهم الواحد. والله معكم.
دمشق 22\2\2012

†أغناطيوس الرابع        
بطريرك أنطاكية وسائر المشرق

صندوق بريد: 9 دمشق ـ سوريا ـ هاتف: 5424400 / 1 / 2 / 3 ـ فاكس: 5424404

Boite Postale: 9, Damas – Syrie   Tel: 854440 / 1 / 2 / 3 –    Fax: 5424400

 

 

For more information about the conference - Click Here